البقالي والقذافي ..أية علاقة ؟

لم يكن عبد الله البقالي المعروف بالمتعدد الصفات ، يتوقع أن ولاية المجلس الوطني للصحافة ستنتهي بهذه الطريقة المذلة والمخزية ، لقد جاب الأرض طولا وعرضا خلال الستة أشهر الماضية التي تم فيها التمديد لعمر المجلس من أجل أن يتحكم في مفاصله عنوة ، وضد إرادة شريحة كبيرة من الصحافيين والصحافيات وكأنه يقول للجميع مثل ما قاله القذافي ستندمون يوم لا ينفع الندم ، ضاربا عرض الحائط كل المكتسبات التي حققتها بلادنا وراء القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده ، وكأني به لا يؤمن لا بالانتخاب ولا بالتداول ولا بالتعددية ، اعتقادا منه اننا في مصر التي لها نقابة وحيدة للصحافيين والفنانين ، ولم يفرق بأن نظامنا المغربي متقدم جدا عن النظام المصري واستحالة أن نكون أمثالهم ، فالنقابات المصرية تمارس الوصاية على القطاعات أما نحن فلدينا التعددية ولله الحمد، وبلادنا بلاد المؤسسات …

تحركات عبد الله البقالي ، تذكرني بالزعيم الليبي معمر القذافي ، حين استبدل الدستور الليبي لعام 1951 بقوانين استنادا إلى عقيدة سياسية سميت بالنظرية العالمية الثالثة ونشرت في الكتاب الأخضر وبذلك حكم ليبيا لمدة 42 عاما ، نفس النهج اراد أن يسلكه البقالي حين طرق أبواب تنظيم مهني كان إلى وقت قريب قد نبذه نبذا وهمشه تهميشا ولم يضعه ضمن فئة الناشرين على اعتبار أنه مدير نشر جريدة العلم المتوفاة منذ زمن ، فضل أن يطرق الباب بشكل مذل ومخزي أملا في الضغط من أجل تعديل مدونة الصحافة والنشر وخصوصا ما يتعلق بالقانون رقم 90/13 الخاص بالمجلس الوطني للصحافة ليضمن له مكانا أبديا وسلطة وهمية ، لكنه خاب وخسر ، وانفضح المستور عندما جهرت الفرق البرلمانية بصوت واحد أن مقترح التعديل قد صيغ في مكان مجهول ويضرب صميم الديمقراطية ، وتم رفض المقترح ووقع ما لم يكن في الحسبان …

يكاد عبد الله البقالي ان يحقق الاجماع في كونه أنه شخص غير مرغوب فيه ، لأنه انسان مزاجي ، والمزاجية لا تستقيم مع المسؤولية ، ولقد رأينا مهزلة البطائق المهنية كيف كان يتعامل مع الصحافيين بشكل اقصائي ، وبأفعاله ساهم في تمييع القطاع ككل ، لأنه حينما تمتنع عن منح البطاقة المهنية لأي صحافي فإنه سيشتغل خارج القانون ولن تكون للمجلس سلطة محاسبته على أخلاقيات المهنة وهذا ما لم يفطن به البقالي طيلة هذه السنوات ، والأكثر من ذلك أن المجلس الوطني للصحافة باعتباره مؤسسة وساطة ، حطم الارقام القياسية في الدعاوى القضائية أمام المحكمة الإدارية ،فكل صحافي يتم رفض ملفه يلتجيء الى المحكمة مع العلم أنه يجب حل هاته الأمور داخل المجلس وعن طريق حكماء ، وهذا في نظري يعتبر فشلا ذريعا للمجلس ، إذ أن مشاكل القطاع يجب حلحلتها بين المهنيين ولا يجب على المهنيين الالتجاء إلى مؤسسة أخرى لايجاد الحلول ، والا لماذا سيسمى مجلسا للمهنيين وللوساطة والتحكيم ، وهو لا يستطيع ايجاد الحلول ويترك شخصا واحدا بميزاجيته يخلق كل هاته المشاكل ، حتى وكأن المجلس الوطني للصحافة اصبح مجلسا للبطاقة ، في تغييب تام لأدواره الحقيقية التي تم تأسيسها من أجله …

يقال في دارجتنا المغربية “من الخيمة خرج مايل ” وبالفعل هذا ما انطبق على هذا المجلس ، إذ ومنذ البداية نادينا بأعلى اصواتنا ان عبد الله البقالي يوجد في حالة تنافي ، فكيف أنه هو رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية ، وهذه النقابة هي الممثلة داخل المجلس الوطني للصحافة ، وفي الوقت ذاته هو رئيس لجنة منح البطاقة المهنية ، وفي الوقت نفسه أيضا هو عضو بلجنة الأخلاقيات ، بمعنى هو خصم وحكم في الآن ذاته …

ولقد لاخظنا كيف أن عبد الله البقالي خلق مشاكل مع وكالة المغرب العربي للانباء ومع مديرها العام المعين بظهير ملكي ، وبسلوكاته التي لا يسع المجال لذكرها ، في عدم احترام وتقدير لجلالة الملك ، لأنه كان يجب ابعاد المشاكل الشخصية طالما أن الرجل له تعيين من السدة العالية بالله والتي لا يجب أن تناقش في اختياراتها وتعيينها لاشخاص تثق بهم وتضعهم على راس مؤسسات استراتيجية كلاماب ، فلو رأى جلالته نصره الله في البقالي ما يجعله يستحق التعيين لقام بتعيينه ولكن نلاحظ أن لم يظفر بهذا ، ولم يستطع أن يصبح حتى كاتب دولة مكلف بقطاع ما عن طريق حزبه ….

إن الولاية الجديدة للمجلس الوطني للصحافة تقتضي تصحيح المسار وعدم السقوط في الاخطاء السابقة ، وهذا المجلس هو ملك للجميع وليس ملكا لأحد ، والنقابة الوطنية للصحافة المغربية هي تنظيم للدفاع عن حقوق الصحافيين والصحافيات وليست تنظيما للممارسة الضغط إن لم نقل الابتزاز ، وهذه النقابة فيها من يشتغلون ليل نهار لصالح المهنة وليس لمصالحهم الشخصية، هذا دون اغفال ان هناك تنظيمات نقابية أخرى وأخص بالذكر الاتحاد المغربي للشغل الذي وطبقا للقانون يعتبر الأكثر تمثيلية …

ولأنني انا انسان ديمقراطي ومؤمن بالتعددية ولست انسانا اقصائيا ، فإنني أدعو عبد الله البقالي للترشح ليعرف حجمه الحقيقي وسط القطاع ، ومن يدري ربما يكتسح الانتخابات خصوصا إن قام بلائحة هو و عبد الكبير اخشيشن ومحمد الطالبي
عندما شبهت البقالي بالقذافي ، ليس تنقيصا منه بل لتوضيح الحالة وتقريب المشهد ، فهناك ايضا من هو شبيه ببنعلي تونس ، وصالح اليمن ، ومبارك مصر ، فأين هم الآن ؟

وفي الختام لا يوجد افضل من كلام الله سبحانه وتعالى نختم به
قُلِ ٱللَّهُمَّ مَٰلِكَ ٱلْمُلْكِ تُؤْتِى ٱلْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ ۖ بِيَدِكَ ٱلْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ قَدِيرٌ
وللحديث بقية