ضرب الزلزال خاصرة الوطن ، وسَيرَ مواكب الشهداء ملبين نداء الرفيق الأعلى .. رحلوا بلا استئذان ، وتركوا خلفهم مدنا ودواوير منكوبة ، وأحبة يقاومون الموت تحت الردم والأنقاض ، وألما بحجم الأطلس تقاسمه كل الوطن ..
رحلوا بعد أن دفئوا الخاصرة بأصواتهم ومشاعرهم ، أقاموا بيوتا ، طوعوا الدروب في المنعرجات ، صالحوا الوديان بالمواويل ، صنعوا للحياة معنى لايليق إلا بهم وحدهم ، وأقاموا صلواتهم بكل خشوع ، في مساجد تطوعت نساؤهم واطفالهم لحمل لبن بنائها على ظهورهم ، رفعوا مآذنها ، وفتحوا السماء بابتهالات ودعاء .. وقبل أن يرحلوا وصَّوا لنا بمحبتهم ، تركوا لنا من جمالهم مانقيم به أعراسا للوطن ، اعراسا تصنع من الموت دافعا للحياة ، تعلم الإنسانية درسا لايحفظه إلا المغاربة ، حرك كل المكلومين و المتعاطفين من كل أصقاع الدنيا ، و أخرج ذاك الشيخ الحزين منسابا في صمت ، ميمما الجموع الخارجة بلا دعوة ، محملا دراجته بكيس من الدقيق وسِره ، كما أخرج امرأة عجوزا تتحامل على نفسها كي توصل قنينة زيت ، وأخرى خلعت خاتمها من يدها ، مهرته بكل قيم التكافل والمحبة ، وحشودا تسابق الزمن لتضميد الجراح وغوث المكلومين ، أغنت الوطن بكرمها عن السؤال ، وأدمت قلوب الحاقدين الذين أطلقوا العنان لأبواقهم للتحرش بنا ، واستصغار تكافلنا ، وهبَّتِنا لنجدة إخواننا .. ولما تيقنوا أن الوجع يوحدنا ، وأننا صرنا قدوة للعالم في المحن كما الأفراح ، هاجموا مقدساتنا معشمين أنفسهم المريضة ، بتجريدنا من قيمنا التي جعلتنا أمة من أعرق الأمم ..
بالله عليكم يامغاربة حتى في عز مآسيكم لكم من الحسد نصيب؟
أي قدر توجكم أسودا حتى في محنكم ، وجعل الضريبة هذا الخروج للضباع من أوجرتها ، تصك انيابها حنقا على نبلكم وتراحمكم ؟
ماذا فعلتم لماكرون حتى يخرج إليكم صاغ**را طالبا شرف الإقتداء بكم ، متسولا عفو الملوك ؟
ماذا فعلتم بالقمامين من وكر السوء الشرقي ، حتى أخرجتموهم في الليل ، يمنون انفسهم المريضة باللجوء لملاحمكم هربا من كوارثهم ونكباتهم ؟
رحم الله شهداءنا الأبرار ، وألهم ذويهم الصبر والسلوان ، وأدام تلاحمكم وتكافلكم ، ولا أعدم الله هذا الوطن وقيادته الحكيمة عزا وسؤددا ، ولا جعل للكر*اغلة وعرابهم الصغير عزاء في استغنائنا بكرمنا وجودنا .
سير على بركة الله…